lundi 23 novembre 2009

بوزغيبة ككائن بيولوجي وكإيقونة فنية



بحت الكاتب المغربي المعروف محمد البحتوري في موضوع بوزغيبة وتعمق في خصائص هذه النبتة ووظائفها البيولوجية كما ركز على رمزية الاستبطان والتوطين لبوزغيبة الإيقونة . فهو بصدد إنهاء فصول مؤلف فني يضم مقاربة جديرة بالاهتمام . فتحت عنوان : إطلالة على عالم عبدالرزاق رزاق، يقول البحتوري في إحدى فقراته :



" فرحي مرده لكون هذا المتمرد في زيغه الفني خارج السكك المسكوكة ، استطاع أن يتمكن من توطين وتجذير تجربته الفنية ، بعدما اكتشف أن السبيل الوحيد إلى ذلك هو ضرورة ربطها بنبتة طبيعية مغربية قحة لها جذور عميقة في التربة المغربية عبر تاريخها. فبقدر مالها من مظاهر جمالية فاتنة ، لمعان اخضرار أوراقها ، وسحر روعة ازدواجية أزهارها ، بيضاء في نوع، زرقاء في نوع أخر ، زرقة شفافة وحالمة، بقدر ما لها من مكائد اداية وأشرار في الخفاء. فإذن تبطن أفعال الاداية وتظهر أفعال المتعة البصرية. وهذه مجرد مظاهر خداع لهذا العالم المحيط بها ،تظهر عكس ما تبطن ، لذا اكتشفها عبد الرزاق الفنان متأهلة برشد ولياقة وجودية فائقة ، لأن تكون المرايا العاكسة لتعدد وجوه وأقنعة المسلكيات التي تسطو وتهيمن على طقوس عبور حياة أرضنا في جريانه المتلخبط والمدوم .تم استنبطها بذكاء عبقري بعدما اقتنصها عبر استقراء للطبيعة والواقع .بمثل هذه التجربة يتأتى لفننا أن يمسك بخصائص هويتنا في تأسيسه وتكونه من داخله وتطوره من نباتاته ومنابع مشاربه كما حصل في تأسيس الفن الأوروبي الحديث حين أكد الفنان ارتباطه بطبيعة أرضه. ولا داعي هنا لأكرر ما قلته مرارا عن الدور الذي لعبته في هذا الشأن لوحة مانيه "غداء فوق العشب" وهذا ما أوحي لي بنسق هذه المقاربة. فبتوظيف أمثال هذا الرمز المغربي المتوغل في عمق طبيعتنا وحياة ومعيشة السواد الأعظم من أناسنا إلى حد غدت كثير من أنماط مظاهر هذه الحياة خاضعة لما يخفي ويبطن وما يظهر. يستطيع الإبداع المغربي أن يمسك بضالته ويمتلك ناصية تبلور وتجليات مرامي وظائفه، والخيل الخير في نواصيها

Aucun commentaire: